نتائج استخدام تكنولوجيا الاتصال الفضائي في التليفزيون:
(1) أنه أصبح من اليسير زيادة عدد القنوات التليفزيونية داخل الدولة الواحدة ، كما أصبح من السهل أيضا وجود قنوات تليفزيونية تخدم إقليما يضم عددا من الدول يجمعها إطار ثقافي متجانس ، بل لقد أصبح الاتصال التليفزيوني علي المستوي العالمي كله متاحا إذا توفرت المصلحة في ذلك ، والقدرة المالية والبشرية والتقنية والشواهد كثيرة لا تقع تحت حصر .
(2) وحتى لا تتشابه الخدمات التليفزيونية ويصبح من العسير الحصول علي جمهور لها، اتجهت هذه القنوات إلى التخصص لضمان قطاع محدد من الجمهور ؛ فتخصص بعضها في الأخبار والأحداث الجارية والبعض الآخر في الأحداث الرياضية ، أو تقديم برامج الأطفال والشباب والأفلام السينمائية القديمة أو الحديثة وهكذا .
(3) كما تم تخصيص بعض القنوات لتبادل المعلومات بين المراكز المتخصصة ومع المشتركين في المعلومات ، وتخصيص خدمات أخري للتبادل بين البنوك والمراكز المالية والشركات ورجال الأعمال .
(4) كما شهد العالم تعدداً وزيادة في عدد القنوات التليفزيونية الإخبارية سواء منها التي تعمل علي المستوي العالمي مثل شبكات “ CNN” والقناة الدولية الفرنسية “CBS” والشبكة الدولية الأمريكية World Net أو التي تعمل علي المستوي الإقليمى مثل شبكة الأخبار الأوربيةEurope News أو الشبكة الفضائية لمنطقة آسيا والمسماة " ستار " وتدخل فيها الخدمة الدولية لهيئة الإذاعة البريطانية ، ولو أن كثيراً من الشبكات التي نشأت قطرية أو إقليمية بدأت تتجه إلى العالمية توسيعاً لمجال نشاطها الإعلامى أو التجاري وفق السياسات المرسومة للخدمة وتحقيقا لمصالحها
(سعد لبيب، 1996، 44) .
(5) وقد ساعد هذا الانتشار اللافت للنظر للقنوات الفضائية إلى وجود أكثر من قمر صناعي يغطي المنطقة العربية ، وأهمها القمر الصناعي العربي " عربسات " والقمر الصناعي الأوربي "يوتلسات" ، وقد كان لهذا الانتشار الكبير للقنوات الفضائية في فترة قصيرة منذ عام 1990 آثارا إيجابية وأخرى سلبية ، فعلى الجانب الإيجابي حركت هذه القنوات الخاصة المياه الراكدة في ساحة الإعلام العربي وحفزت القنوات الحكومية علي الدخول في منافسة مع القنوات الخاصة التي أثبتت وجودها خلال فترة زمنية قصيرة نسبيا ، وعلى الجانب السلبي كشفت الأعداد المتزايدة من القنوات إلى الاستيراد لسد حاجتها من البرامج ، كذلك أدخلت القنوات الخاصة الأخبار الأجنبية وبعضها باللغة العربية إلى المنطقة العربية ( حسن حامد، 1996 ، 74 ) .
(6) وبالنظر إلى تزايد القنوات التليفزيونية فقد تدخل رأس المال الخاص في المجال التليفزيوني في كثير من دول العالم مشاركا أو مزاحما للدولة في ملكيتها للقنوات التليفزيونية ، ومعها بدأ دور الدولة في الانحسار وحل الربح محل المصلحة العامة – من وجهه النظر الحكومية علي الأقل – في توجيه النشاط التليفزيوني ، والربح في هذه الحالة يأتي عن طريق الاشتراكات التي تدفع مقابل وصول الخدمة التي ترسل " بالشفرة " أو عن طريق الإعلانات التي تذاع بين فقرات البرامج أو في داخلها أو عن الطريقين معا ، ناهيك عن الدعم غير المنظور الذي يأتى من بعض الأجهزة الحكومية أو الشركات أو الهيئات الخاصة تحقيقا لمصالحها ( سعد لبيب ، 1996 ، 44 ) .
(7) وكان من الطبيعي أن تسعي هذه القنوات التليفزيونية المتعددة سواء منها العامة أو المتخصصة الرسمية أو الخاصة إلى تحقيق أهداف تختلف باختلاف طبيعتها وظروف نشأها وتمويلها ومن هنا ظهرت عدة نتائج من بينها:
1- محاولة التأثير بهدف تبني اتجاهات سياسية أو ثقافية معينة بالنسبة للقنوات التي لها توجهات سياسية أو ثقافية خاصة .
2- تدني مستوي البرامج بالنظر إلى زيادة الطلب ، وقصور مراكز الإنتاج الكبرى في مواجهته بدلا من أن تكون المنافسة حافز علي رفع مستوي البرامج .
3- اتجاه البرامج إلى تبني أنماط وقيم فنية معينة تمثل الحد الأدنى الذى يجعلها مقبولة لدي أكبر عدد ممكن من الشعوب لها ثقافتها الخاصة ، وتختلف فيها مستويات التعليم والذوق الفني اختلافا بيئيا ولكنها تتفق في تقبل الإبهار والخوارق والإثارة (سعد لبيب، 1996 ، 44 ) وبالرغم من التقدم التكنولوجي الهائل فانه لم يواكبه لدينا تقدم مواز بنفس النسبة فيما يتعلق بالإنتاج ولا حتى من حيث الكم ، الكم الوحيد الذي ازداد هو كم القنوات الفضائية العربية ، والذي بلغ العشرين حتى الآن ، ولقد كنا نتوقع كلما خرجت قناة تليفزيونية إلى الفضاء أنها ستشغل المنافسة مع الباقيات وتؤدي فيما بعد إلى الارتقاء بالإنتاج ، لكننا يجب علينا أن نعترف أن هذا لم يحدث الذي يحدث أننا نري مزيدا من التكرار للأنماط المألوفة من حيث " اتجاه البرامج إلى تبني أنماط وقيم تمثل الحد الأدنى" ، وهذا عكس ما كنا نتوقعه ونريده (حمدي قنديل ، 1996 ، 61 ) .
ونحن في عالمنا العربي مثلا نستورد ما بين 25 – 50 من برامجنا التليفزيونية كما أن صحفنا العربية تستقي أخبارها في المقام الأول من الوكالات العالمية الغربية الأربعة الكبرى وهي : رويتر البريطانية ووكالة الأنباء الفرنسية والاسوشيتدبرس واليوناتيدبرس الأمريكتين
( فوزي درويش ، 1999 ، 116 ) .
وكان من نتائج ذلك اعتبار الأخبار سلعة معروضة في السوق الحر ، وهو سوق تلعب المنافسة فيه دورا رئيسيا ، فالإقبال علي أخبار تليفزيونية ما ، معناه في النهاية زيادة حصيلتها من الاشتراكات والإعلانات ، إن كانت خدمة تجارية هدفها الأول هو الربح ، أو زيادة حجم انتشار الرسالة الإعلامية الثقافية ولو كانت صادرة عن هيئة إعلامية غير تجارية ( هيئة الإذاعة البريطانية – الشبكة الدولية الفرنسية – الشبكة الدولية الأمريكية علي سبيل المثال لا الحصر . ( سعد لبيب ، 1996 ، 45 ) .
ولأن الأخبار سلعة فلابد أن تكون جذابة ومثيرة وغير مسبوقة ، ومن هنا كان الاهتمام بالسبق الصحفي حتى علي حساب الصدق والموضوعية ، والاعتماد علي مجرد الإشاعات أو الاستنتاجات ، وكان التركيز علي الأخبار شديدة الخروج علي المألوف كأحداث العنف أو الكوارث الطبيعية أو الاجتماعية أو التركيز علي جوانب منها فقط ، بحكم ما تحمله من إثارة بصرف النظر عما يمكن أن يترتب علي هذا من تغطية إخبارية غير عادلة .
ويتصل بهذا ويزيد من خطورته ، أن هذه القنوات التليفزيونية الإخبارية أو العامة التي تعطي نصيبا واضحا في الخدمة للنشاط الصحفي عالمية كانت أو إقليمية أصبحت أحد المصادر الهامة للمعلومات التي تعتمد عليها الصحافة المطبوعة المحلية والصافة الإذاعية والتليفزيونية . كما أنها تمثل مصدرا رئيسيا للمعلومات لأصحاب القرار رغم أنهم يمتلكون العديد غيرها من مصادر المعلومات ، إلا أن ما تتسم به من آنية في نقل الأحداث والآراء من أي مكان في العالم يجعل لها السبق علي مصادر المعلومات الأخرى وعلى الأخص في حالات الأزمات ، وهو ما كان واضحا جداً خلال حرب الخليج (نفس المرجع السابق) .
وكل هذا التطور التكنولوجي في وسائل الاتصال أصبح يتم من خلال التفاعل بين المستقبل والمرسل وإمكانية تحكم المستقبل في العملية الاتصالية ، وهذا يعطي المستقبل سيطرة أكبر علي عملية الاتصال مما يساعده علي التكيف مع انفجار المعلومات والسيطرة عليه كما وكيفا من خلال الانتقاء والاختيار (محمود علم الدين، 1996، 105)
الأمر الذي جعل التعرض لوسائل الاتصال الدولية " عبر الوطنية " جزءاً من نسيج الحياة اليومية للمواطن بما يمكن أن يحدثه هذا من أثار تتصل بإدراكه واتجاهاته وقيمه الثقافية ، الأمر الذي ينعكس علي توجهات الرأى العام وما يتعرض له صناع القرار من ضغوط ، فقد أضفى كل من انفجار المعلومات وثورة الاتصال بشكل عام طابعا دوليا علي كافة وسائل الإعلام الجماهيرية ، بحيث أصبح من الصعوبة بمكان التفرقة بين كل ما هو إعلام وطني وما هو إعلام دولي ( فاروق أبو زيد ، 1991 ، 21 : 22 ) .
وهذا التقدم التكنولوجي الحديث يعد أكبر عامل من عوامل التوحيد الثقافي الذي نسميه تارة بالعولمة الثقافية ، أو الثقافة الكوكبية الشاملة ، وفيما يتعلق بمستقبل الثقافة العربية، بل بحاضرها الذي نشهده الآن نقول - دون مبالغة أو إسراف في التفاؤل - أن العلم الحديث والتكنولوجيا الفضائية والمعلوماتية الجديدة سوف تكون أهم وأسرع وسائل التوحيد الثقافي العربي والعالمي بعد ذلك (المجالس القومية المتخصصة، 1998: 1999، 35).
ولكن الوضع الراهن لتكنولوجيا الاتصال في المجتمعات النامية يؤكد ضعف البنية التحتية للاتصال والإعلام لهذه المجتمعات ، مما يجعلها عاجزة عن استيعاب قدر كبير من إنجازات التكنولوجيا الحديثة في الاتصال ويحول دون الاستفادة الكاملة من إمكانات هذه التكنولوجيا ، ولقد فشلت الدول النامية في تحقيق ما نسميه " الأمن التكنولوجي " في مجال الاتصال ؛ فهي لم تحسن اختيار التكنولوجيا الملائمة لإمكاناتها واحتياجاتها الإعلامية ، ولم تتمكن من توطين التكنولوجيا الحديثة في مجتمعنا بحيث تصير جزءاً من بنيانها الاجتماعي والثقافي كمقدمة لتنمية مصادر التكنولوجيا الوطنية ، ثم هي فشلت في إقامة تعاون مشترك مع ميثلاتها من الدول النامية في استخدام تكنولوجيا الاتصال الحديثة ذات التكلفة المرتفعة . ( نفس المرجع السابق ، 76 ) .
موقع الآعلام التربوى
ei4eg.yoo7.com
الثلاثاء مارس 12, 2019 11:00 am من طرف مراد
» مواد بناء وتشطيب من مصانع الصين لبيتك 008615011961687
الإثنين أغسطس 22, 2016 2:27 pm من طرف دليل الصين
» مواد بناء وتشطيب من مصانع الصين لبيتك 008615011961687
الإثنين أغسطس 22, 2016 2:26 pm من طرف دليل الصين
» أنواع الصحف الحائطية
السبت ديسمبر 12, 2015 9:47 pm من طرف على فتحى
» كيفية عمل صحيفة الحائط
السبت ديسمبر 12, 2015 9:44 pm من طرف على فتحى
» أنواع الصحف المدرسية
السبت ديسمبر 12, 2015 9:41 pm من طرف على فتحى
» كيفية إعداد صحيفة حائط متميزة
السبت ديسمبر 12, 2015 9:29 pm من طرف على فتحى
» نموذج اختبار كادر المعلم ( اعلام تربوى )
السبت ديسمبر 12, 2015 9:21 pm من طرف على فتحى
» الإعلام التربوي
السبت ديسمبر 12, 2015 9:18 pm من طرف على فتحى