تعريف المناظرة :هي المحاورة بين فريقين حول موضوع لكل منهما وجهة نظر فيه تخالف وجهة نظر الفريق الآخر٬ فهو يحاول إثبات وجهة نظره وإبطال وجهة نظر خصمه مع رغبته الصادقة في ظهورالحق والاعتراف به لدى ظهوره.
أركان المناظرة :
للمناظرة ركنان أساسيان هما:
1- موضوع تجري حوله المناظرة (المراد بالموضوع المسألة أو نقطة البحث لا الموضوع المنطقي الذي يقابله المحمول)
2- فريقان يتحاوران حول موضوع المناظرة ٬أحدهما مدَّع أو ناقل خبر٬ والآخر معترض عليه .
فإن كان الموضوع تعريفا أو تقسيما سمي المعترِض عليه ( مُستدلاً) وسمي صاحب التعريف أو التقسيم (مانعًا).
وإن كان الموضوع (تصْديقاً )– أي قضية منطقية سواء أكانت مصرَّحا بها أو مفهومة من ضمن الكلام – فالمعترِض عليه يسمى (سائلاً) وصاحب التصديق ومقدِّمه يسمى (مُعلِّلاً)
شروط المناظرة:
يشترط في المناظرة أربعة شروط :
1-: أن يكون المتناظران على معرفة بما يحتاج إليه من قوانين المناظرة وقواعدها حول الموضوع الذي يريدان المناظرة فيه .
2- : أن يكون المتناظران على معرفة بالموضوع الذي يتنازعان فيه حتى يتكلم كل منهما ضمن الوظيفة المأذون له بها في قواعد المناظرة وضوابطها ٬فإذا تكلم لم يخبط خبط عشواء ٬ ولم يناقش في البديهيات بغير علم٬ وإذا ألزم بالحق التزم به دون مكابرة.
3-: أن يكون الموضوع مما يجوز أن تجري فيه المناظرة ضمن قواعد هذا الفن وضوابطه . فالمفردات والبديهيات الجليَّة مثلاً لا تجري فيها المناظرة أصلاً.
4-: أن يُجري المتناظران مناظرتهما على عُرْفٍ واحد٬ فإذا كان كلام (المعلل) جارياً مثلاً على عرف الفقهاء فليس (للسائل) العارف بذلك أن يعترض عليه استنادا إلى عرف النحاة أو الوضع اللغوي ٬أو عرف الفلاسفة ٬أو نحو ذلك.
آداب المتناظرين :
وضع علماء فن آداب البحث والمناظرة جملة من الآداب ألزموا المتناظرين بها محافظة على سلامة المناظرة وتحقيقاً للغرض منها ونذكر فيما يلي أهمها :
1-أن يجتنب المناظر مجادل ذي هيبة يخشاه لئلا يؤثر ذلك عليه فيضعفه عن القيام بحجته كما ينبغي .
2- ألاَّ يظن المناظر خصمه حقيرا ضعيفا قليل الشأن٬ فذلك يقلل من اهتمامه فيمكن خصمه الضعيف منه.
3- ألا يظن خصمه أقوى منه بكثير حتى لا يتخاذل ويضعف عن تقديم حجته على الوجه المطلوب.
4- ألا يكون في حالة قلق نفسي واضطراب٬ أو في حاجة تفسد عليه مزاجه الفكري والنفسي: كأن يكون جائعا أو ظامئا أو حاقبا أو نحو ذلك .
5-أن يتقابل المتناظران في المجلس ويبصر أحدهما الآخر إن أمكن ٬ويكونا متماثلين أو متقاربين علماً ومقداراً.
6-ألا يكون المناظر متسرعاً يقصد إسكات خصمه في زمن يسير٬ لأن ذلك يفسد عليه رويته الفكرية ويبعده عن منهج المنطق السديد والتفكير في الوصول إلى الحق.
7- أن يقصد كل من المتناظرين المساهمة في إظهار الحق ولو على يد خصمه.
8- أن يجتنب كل منهما الهزء والسخرية وكل ما يشعر باحتقار المناظر وازدرائه لصاحبه أو وسمه بالجهل أو قلة الفهم :كالتبسم والضحك والغمز و الهمز واللمز .
9- أن يتحرز المناظر عن الاختصار المخل في الكلام وعن إطالة الكلام بلا فائدة ترجى من ذلك.
10- أن يجتنب المناظر الألفاظ الغريبة والألفاظ المجملة التي تحتمل عدة معان من غير ترجيح أحدها الذي هو المراد.
11- أن يأتي كل من المتناظرين بالكلام الملائم للموضوع فلا يخرج عما هما بصدده .
12- ألا يعترض أحدهما لكلام خصمه قبل أن يفهم مراده تماماً .
13- أن ينتظر كل واحد منهما صاحبه حتى يفرغ من كلامه ولا يقطع عليه كلامه قبل أن يتمه.
14- أن يقبل كل منهما الحق الذي هداه إليه مناظره ٬أو يعترف بأن قوة دليله تقدِّم ترجيحاً لوجهة نظره ٬أو لمذهبه٬ حتى يكتشف شيء آخر يضعف دليله٬ ويجعله غير صالح للترجيح.
أما الإصرار على الرفض فمكابرة ممنوعة٬ وأما المراوغة فهي تهرب وانسحاب من مجلس المناظرة.
ومتى وجد المناظر هذه المراوغة من خصمه فمن الخير له أن يقطع المناظرة ويلزم خصمه بالهروب والانسحاب٬ وليحذر من أن يستدرجه إلى موضوع آخر ثم آخر٬ وهكذا٬ فتتحول المناظرة إلى ما يشبه المصارعة الحرة التي ليس لها قيود ولا ضوابط٬ وهذا جدال محظور .
قواعد المناظرة:
للمناظرة مجموعة من القواعد أهمها :
القاعدة الأولى : تخلي كل من الفريقين المتصدِّيين للمحاورة الجدلية (المناظرة) حول موضوع معين٬ عن التعصب لوجهة نظره السابقة وإعلانهما الاستعداد التام للبحث عن الحقيقة والأخذ بها عند ظهورها٬ سواء أكانت هي وجهة نظره السابقة٬ أو وجهة نظر مَن يحاوره في المناظرة٬ أو وجهة نظر أخرى .
وقد أرشدنا القرآن الكريم إلى الأخذ بهذه القاعدة ٬ إذ علّم الرسول صلى الله عليه و آله في سورة سبأ
أن يقولوا للمشركين في مناظرتهم لهم :
{وإنَّا وأولياؤُنا لعلى هُدىً أو في ضَلال مُبين(24) }.
وفي هذا غاية التخلي عن التعصب لأمر سابق وكمال إعلان الرغبة بنشدان الحقيقة أنَّى كانت .
القاعدة الثانية : تقيُّد كل من الفريقين بالقول المهذب ٬البعيد عن كل طعن و تجريح ٬أو هزء أو سخرية٬ أو احتقار لوجهة النظر التي يدعيها أو يدافع عنها مَن يحاوره.
وقد أرشدنا الإسلام إلى التقيد بهذه القاعدة في نصوص كثيرة منها قول الله تعالى لنبيه في سورة
النحل {وجادِلهم بالتي هيَ أحسنُ (125) }٬ وقوله تعالى للمؤمنين في سورة (العنكبوت ) :
{ولا تجادلوا أهلَ الكتابِ إلا بالتي هي أحسن إلاَّّ الذين ظلموا منهم وقولواْ آمنا بالذي أنزل إلينا وأنزِل إليكم وإلهنا وإلهكمْ واحدٌ ونحْن لهُ مسلمونَ} (46) وقال الله تعالى يخاطب رسوله والمؤمنين في سورة (الأنعام) :{ وَلا تسبُّوا الذينَ يَدْعُون مِن دون الله فيَسُبوا اللهَ عَدْوًا بغَيْر عِلمٍ. }
القاعدة الثالثة : التزام الطرق المنطقية السليمة لدى المناظرة والجدال .
ويدل على هذه القاعدة عموم الأمر٬ بأن يكون الجدال جدالاً بالتي هي أحسن .
ومن التزام الطرق المنطقية السليمة ما يلي :
أولا: تقديم الأدلة المثبتة أو المرجحة للأمور المدّعاة.
ثانيا : إثبات صحة النقل للأمور المنقولة المروية .
ومن ذلك أخذ علماء فن "آداب البحث والمناظرة "قاعدتهم المشهورة التي يقولون فيها: «إن كنت ناقلاً فالصحة أو مدعياً فالدليل .» ونجد الإشارة إلى ذلك في نصوص قرآنية كثيرة منها النصوص التاليات قول الله تعالى في (سورة النمل ):{أمَّن يَبْدؤا الخلقَ ثم يعيدُه ومن يرزقكم من السماء والأرض أإلهٌ مع الله قلْ هاتوْا برهانكم إنْ كنتم صادقينَ } وقول الله تعالى في ( سورة الأنبياء ) :{أمِ اتّخذوا من دونه آلهة قلْ هاتوْا بُرهانكم هَذا ذِكر مَّعي وذِكر مَن قبلي بل أكثرهم لا يعلمون الحقَّ فهم مُّعرضونَ} ففي هذين النصين يأمر الله رسوله بأن يطالب المشركين بتقديم برهانهم على ما يدّعون٬ويشمل البرهان في مثل هذا الادعاء البرهان العقلي والبرهان النقلي عن رسول من الرسل ٬وآية الأنبياء تشير إلى مطالبتهم بالبرهان النقلي٬ أما آية النمل فتطالب بتقديم البرهان بشكل عام عقلياً كان أو نقلياً .
القاعدة الرابعة : ألا يكون المناظِر ملتزماً في أمر من أموره بضد الدعوى التي يحاول أن يثبتها٬ فإذا كان ملتزماً بشيء من ذلك كان حاكماً على نفسه بأن دعواه مرفوضة من وجهة نظره.
ومن الأمثلة على سقوط دعوى المناظر بسبب التزامه بضد دعواه وقبوله له :استدلال بعض من أنكر رسالة محمد صلوات الله عليه وعلى آله الأطهار بأنه بشر٬ وزعم هؤلاء أن الاصطفاء بالرسالة لا يكون لبشر وإنما يكون للملائكة٬ أو مشروط بأن يكون مع الرسول من البشر مَلك يُرى ٬وفي اعتراضهم على بشريته قالوا :" ما لِهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق". مع أنهم يعتقدون برسالة كثير من الرسل السابقين كإبراهيم وموسى وعيسى ٬وهؤلاء في نظرهم بشر وليسوا ملائكة ٬ولذلك أسقط الله دعواهم بقوله تعالى في سورة (الفرقان 25): { وما أرسلنا قبلكَ من المرسلين إلا إنَّهم ليَأكلون الطعامَ ويمشون في الأسواقِ (20)}
القاعدة الخامسة : ألاَّ يكون في الدعوى أو الدليل الذي يقدمه المناظر تعارض ٬ أي ألا يكون بعضُ كلامِه ينقض بعضَه الآخرَ٬ فإن كان كذلك كان كلامه ساقطاً بداهة. ومن أمثلة ذلك قول الكافرين حينما كانوا يرَوْن الآيات الباهرات تنزل على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم :« سحرٌ مُستمِرٌ» وقد حكى لنا ذلك بقوله في سورة( القمر ):{اقتربَتِ الساعةُ وانشقَّ القمرُ(1) وإن يرَوْا آية يقولوا سحرٌ مُستمِرٌ(2) }. ففي قولهم هذا تعارض وتهافت ظاهر لا يستحق رداً٬ وذلك لأن من شأن السحر كما يعلمون أنلا يكون مستمرا٬ ومن شأن الأمور المستمرة أن لا تكون سحراً٬ أما أن يكون الشيء سحراً ومستمراً معا فذلك جمع عجيب بين أمرين متضادين لا يجتمعان .
ونظير ذلك قول فرعون عن موسى عليه السلام حينما جاءه بسلطان مبين من الحجج الدامغة والآيات الباهرات:« ساحرأو مجنون » وقد قص الله علينا ذلك بقوله في سورة ( الذاريات 51):
{وفِي مُوسى إذ أرسلناه إلى فرعون بسلطان مبين (38)فتوَلَّى برُكنِه وقال ساحرٌ أو مجنون(39)}.
فمن غير المقبول منطقيا أن يكون الشخص الواحد ذو الصفات الواحدة متردداً بين كونه ساحراً وكونه مجنوناً٬ وذلك لأن مِن شأن الساحر أن يكون كثير الفطنة والذكاء والدهاء ٬ وهذا أمر يتنافى مع الجنون تنافياً كلياً.
فكيف صح في فكر فرعون هذا الترديد بين كوْن موسى ساحراً وكونه مجنوناً ؟
القاعدة السادسة : ألا يكون الدليل الذي يقدمه المناظر ترديداً لأصل الدعوى ٬فإذا كان كذلك لم يكن دليلاً٬ وإنما هو إعادة للدعوى بصيغة ثانية. وسقوط هذا في المناظرة أمر بدهي٬ وقد يخفى على الخصم إذا استخدم المناظر براعته في تغيير الألفاظ وزخرفتها ٬ولكنها حيلة باطلة لا يلجا إليها طلاب الحق .
القاعدة السابعة : عدم الطعن بأدلة المناظر إلاضمن الأصول المنطقية ٬ أو القواعد المسلم بها لدى الفريقين المتناظرين .
القاعدة الثامنة : إعلان التسليم بالقضايا والأمور التي هي من المسلمات الأولى أو من الأمور المتفق بين الفريقين المتناظرين على التسليم بها ٬أما الإصرار على إنكار المسلمات فهو مكابرة قبيحة ومماراة منحرفة عن أصول المناظرة والمحاورة الجدلية السليمة ٬وليست من شأن طالبي الحق .
القاعدة التاسعة : قبول النتائج التي توصل إليها الأدلة القاطعة ٬أو الأدلة المرجحة إذا كان الموضوع مما يكفي فيه الدليل المرجح . وإلا كانت المناظرة من العبث الذي لا يليق بالعقلاء أن يمارسوه.
مراحل المناظرة ونتيجتها:
أ - مراحل المناظرة: تنقسم كل مناظرة سليمة إلى ثلاث مراحل:
المرحلة الأولى: مرحلة (المبادئ)٬ وفي هذه المرحلة يتم تعيين محل النزاع حتى لا يتشتت الفريقان في أطراف غير متطابقة ٬وحتى لا يتكلم كل منهما في واد غير الوادي الذي يتكلم فيه مناظره.
المرحلة الثانية : مرحلة (الأواسط)٬ وفي هذه المرحلة تقدم الدلائل التي يظهر فيها لزوم المطلوب .
المرحلة الثالثة : مرحلة (المقاطع)٬ وهي مرحلة إذا انتهى البحث إليها انقطع٬ وهو ينقطع إذا انتهى إلى الضروري( وهو اليقين الذي يجب التسليم به بالضرورة العقلية) أوإذا انتهى إلى الظنِّي الذي يُسلِّم به الخصم .
ب – نتيجة المناظرة: إذا عجز ( المعلِّل) عن رد اعتراض (السائل) كان المعلل (مُفحَما) ٬وإذا عجز (السائل) عن تصحيح اعتراضه كان (مُلزَماً).
------> فقط و حصريا على موقع الاعلام التربوى
([ندعوك للتسجيل في المنتدى أو التعريف بنفسك لمعاينة هذا الرابط])
================================
الثلاثاء مارس 12, 2019 11:00 am من طرف مراد
» مواد بناء وتشطيب من مصانع الصين لبيتك 008615011961687
الإثنين أغسطس 22, 2016 2:27 pm من طرف دليل الصين
» مواد بناء وتشطيب من مصانع الصين لبيتك 008615011961687
الإثنين أغسطس 22, 2016 2:26 pm من طرف دليل الصين
» أنواع الصحف الحائطية
السبت ديسمبر 12, 2015 9:47 pm من طرف على فتحى
» كيفية عمل صحيفة الحائط
السبت ديسمبر 12, 2015 9:44 pm من طرف على فتحى
» أنواع الصحف المدرسية
السبت ديسمبر 12, 2015 9:41 pm من طرف على فتحى
» كيفية إعداد صحيفة حائط متميزة
السبت ديسمبر 12, 2015 9:29 pm من طرف على فتحى
» نموذج اختبار كادر المعلم ( اعلام تربوى )
السبت ديسمبر 12, 2015 9:21 pm من طرف على فتحى
» الإعلام التربوي
السبت ديسمبر 12, 2015 9:18 pm من طرف على فتحى