الكلمة الأولى ... أهلاَ رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم .... لقد هل علينا هلال شهر رمضان من جديد . فأقبل الضيف الكريم . ويدنى الموسم القديم . وأتى الوافد العظيم . بعد فراق دام إحدى عشر شهرا .
شهر ... أعلى الله مقامه . ورفع أعلامه . وبارك أيامه .
شهر ... كان النبي صلى الله عليه وسلم يتمنى لقاءه . ويتشوق لمجيئه . فيقول ( اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبلغنا رمضان )
شهر ... تتطلع الأنفس إلى رؤيته . وتتشوق الأفئدة إلى طلعته .وتترقب القلوب زيارته
فهو ... وجه وضاء . ووافد معطاء . يفيض بالرحمة . وينبع بالجود . ويتفجر بالهبات والعطاءات والنفحات .
شهر ... أوله رحمه . وأوسطه مغفرة . وآخره عتق وفكاك من النار .
شهر ... فضَّله الله على سائر الشهور . لما له من المكارم . وما خص به من المناقب .
شهر ... يصلح الله بمقدمه القلوب . ويغفرُ بزيارته الذنوب . ويستر بوصوله العيوب
شهر .... يعاتبه الصالحون لقلة الزيارة ، وطول الغياب . فيأتي بعد شوقٍ ويفد بعد فراق ، فيحييه لسان الحال قائلاً .
مرحباً أهلاً وسهلاً بالصيام
يا حبيباً زارنا في كل عام
قد لقيناك بحبٍّ مفعمٍ
كل حبٍّ في سوى المولى حرام
فاقبل اللهم ربي صومناً
ثم زدنا من عطاياك الجسام
لا تعاقبنا فقد عاقبنا
قلقٌ أسهرنا جُنح الظَّلام
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الثانية ... صيام رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... الصيام . ما أفضل العبادات . وأجل الطاعات . فرضه الله على عباده . لما أنزل قوله تعالى ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليك الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ) فبنزول هذه الآية . أصبح صوم رمضان ركن من أركان الإسلام . قال سبحانه ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه )
وقال النبي صلى الله عليه وسلم ( بني الإسلام على خمس : شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله . وإقام الصلاة . وإيتاء الزكاة . وحج البيت . وصوم رمضان )
وخص الله الصيام لنفسه . ورتب الأجر عليه من عنده . حيث قال في الحديث القدسي ( إلا الصيام فإنه لي . وأنا أجزي به ) لماذا ؟ لأن في الصيام . تتجلى صفة عظيمة . لا تتجلى في سائر العبادات والطاعات .
ألا وهي ... مراقبة رب الأرض والسماوات
وصيام رمضان . سبب لمغفرة الذنوب . وتكفير السيئات . فعن أبي هريرة رضي الله عنه . أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( من صام رمضان . إيمانا واحتسابا . غفر له ما تقدم من ذنبه )
يعني : إيمانا بالله . ورضا بفريضة الصوم عليه . واحتسابا لثوابه وأجره
فإن الله يغفر له ما تقدم من ذنبه .
والمحروم من حرم المغفرة في رمضان .فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد المنبر فقال ( آمين . آمين . آمين ) قيل : يا رسول الله . إنك صعدت المنبر فقلت : ( آمين . آمين . آمين ) فقال : إن جبريل عليه السلام أتاني . فقال : من أدرك شهر رمضان . فلم يغفر له . فدخل النار . فأبعده الله . قل : آمين . فقلت : آمين )
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحن عبادتك .
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الثالثة ... من حكم الصيام
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... إن لصيام حكما بالغة . ولقد أخبر سبحانه عن بعضها فقال تعالى ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ﴾ إذن فالصوم طريق لتقوى الله عز وجل ، والصائم اقرب الناس إلى مولاه ، جاع بطن الصائم فصفا قلبه ، وظمأت كبد الصائم فدمعت عيناه .
ومن حكم الصيام ....
ـ أن الصوم فيه امتثال العبودية لله عز وجل ، والإذعان لأمره . والتسليم لشرعه ، وترك شهوة الطعام والشراب لمرضاته .
ـ أن الصوم سر بين العبد وبين المعبود سبحانه ، ففي الصحيح أن الله عز وجل " كل عمل ابن آدم فانه لي وأنا أجزي به"( ). لان الصوم لا يطلع عليه إلا الله تعالى بخلاف الصلاة والزكاة والحج .
ـ أن الصوم يذكر الصائم بإخوانه الصائمين من الجائعين المحتاجين والفقراء والمساكين ، فيرحمهم ويعطف عليهم ويمد يده بالعون إليهم .
ـ أن الصوم مدرسة لتربية النفس ، وتزكية القلب ، وغض البصر ، وحفظ الجوارح .
ـ أن الصوم فيه وحدة للمسلمين ، يصومون في زمن . ويفطرون في زمن ، جاعوا معا ، وأكلوا معا ، ألفة وإخاء ، وحب ووفاء .
ـ أن الصوم يضيق مجاري الطعام والدم ، وهي مجاري الشيطان . فتقل وسوسته .
ـ أن الصوم فيه صحة للنفس ، لأنه يستفرغ المواد الفاسدة، ويريح المعدة ويصفي الدم ويطلق عمل القلب ، فتشرق به الروح ، وتصفو به النفس ، وتهذب به الأخلاق .
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الرابعة ... من هدي النبي ... في رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... يقول ابن القيم رحمه الله تعالى : (( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثارُ من أنواع العبادات ، فكان جبريل عليه الصلاة والسلام يدارسه القرآن الكريم في رمضان ، وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخير من الريح المرسله ، وكان أجود الناس ، وأجود ما يكون في رمضان ( ) ، يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن الكريم ، والصلاة والذكر والاعتكاف . وكان يخصُّ رمضان من العبادة بما لا يخصُّ غيره به من الشهور ...) انتهى كلامه رحمه الله .
فهدي النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان . أكمل هدي . فعلى الصائم أن يتأسى بنبيه عليه الصلاة والسلام . الذي كان من هديه ...
ـ أنه لا يدخل في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو بشهادة شاهد واحد .
ـ أنه يحث على السحور ، فقد صح عنه أنه قال : "تسحروا فان في السحور بركة" لان وقت السحور مبارك ، إذ هو في الثلث الأخير من الليل وقت النزول الإلهي ، ووقت الاستغفار. قال تعالى﴿وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ ثم إن السحور عون على الصيام والعبادة ، ثم هو صرف للنعمة في عبادة المنعم سبحانه وتعالى .
ـ أنه أمرا بتعجيل الإفطار بعد غروب الشمس ، فيفطر على رطب أو تمر أو ماء . لان خالي المعدة أوفق شئ له الحلاوة ، فكان في الرطب والتمر ما يوافق الصائم الجائع .
ـ أنه كان يدعوا عند فطره . وأمر أمته بالدعاء . فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : (( إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد))
ـ أنه كان يفطر صلى الله عليه وسلم قبل أن يصلي المغرب
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الخامسة ... صيام الجوارح ( 1 )
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... إن للجوارح صيام خاص في رمضان . فعلى الصائم الصادق . أن يحفظ جوارحه عن المحرمات . وان يلزمها طاعة رب البريات .
فالقلب ... يصوم عن الكبر لأنه حرام يقول سبحانه كما في صحيح الحديث القدسي " الكبرياء ردائي ، والعظمة إزاري ، من نازعني فيهما عذبته" وعنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " من تكبر على الله وضعه ، ومن تواضع لله رفعه" و يصوم عن العجب ، والعجب تصور الإنسان كمال نفسه ، وأنه أفضل من غيره ، وأن عنده من المحاسن ما ليس عند الآخرين ، وهذا هو الهلاك بعينه . صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: "ثلاث مهلكات: إعجاب المرء بنفسه، وشح مطاع وهوى متبع"
ويصوم عن الحسد ، لان الحسد يحبط الأعمال الصالحة ، ويطفئ نور القلب ، ويعطل سيره إلى الله تعالى يقول صلى الله عليه وسلم " لا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا تناجشوا ولا يبع بعضكم على بيع بعض"
واللسان ... يصوم عن الكذب، والغيبة ، والنميمة ، والبذاءة، والسب ، والفحش، والزور ، واللعن ، والسخرية ، والاستهزاء، وغيرها صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده"
وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لمعاذ رضي الله عنه " كف عليك هذا ، وأشار إلى لسانه" فقال معاذ : أو إنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام :"ثكلتك أمك يا معاذ ، وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم "
اللهم إنا نسألك قلوبا سليمة وألسنة صادقة .
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
كلمة السادسة ... صيام الجوارح ( 2)
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... ومن الجوارح . التي يجب أن تصوم عن المحرمات ...
العين ... وصيامها غضها عن الحرام وإغماضها عن الفحشاء وإغلاقها عن المناهي قال تعالى ﴿ قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ ﴾ صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عليا سأله عن النظر فقال : "غض بصرك" يقول أحد السلف: أطلقت عيني مرة في حرام ، فنسيت القرآن الكريم بعد أربعين سنة .
الأذن ... وصيامها عن سماع الخنا والغناء . وعن الفحش والبذاء . فهي مسئولة أمام الله عز وجل عما استمعت إليه . يقول عز من قائل ﴿إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾
والأذن إذا سمحت للكلمة الآثمة بالدخول . أخربت بيت القلب . وهدمت قصر الإرادة . وأفسدت بستان المعارف .
ومن واجب المسلم . أن يحمد الله على نعمة السمع . وأن يصرفها في مرضات ربه تبارك وتعالى . فيزداد من سماع القرآن ودروس العلم والمحاضرات النافعة والحكم البالغة.
وينقذ أذنه .. من سماع الإثم . والإصغاء إلى الفحش . وكل ما يصد عن سبيل الله ؟
البطن ... وصيامه عن أكل الحرام . وقال سبحانه للمؤمنين ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾ والطيبات هي ما أحله الله عز وجل لعباده المؤمنين على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم . فالله يقول عنه ﴿ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
كلمة السابعة ... قيام رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... القيام . طاعة . قال عنها النبي صلى الله عليه وسلم ( من قام رمضان . إيمانا واحتسابا . غفر له ما تقدم من ذنبه )
هذه الطاعة . التي امتدح الله القائمين بها . فقال عز وجل ( والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما ) وقال ( تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا ومما رزقناهم ينفقون ) وقال صلى الله عليه وسلم ( أفضل الصلاة بعد الفريضة . صلاة الليل )
والقيام ... دأب النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه . حيث قالت عائشة رضي الله عنها ( فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم . كان لا يدعه ـ أي القيام ـ وكان إذا مرض أو كسل . صلى قاعدا ) .
وكان ابن عمر . يقرأ هذه الآية . ( أمّن هو قانت آناء الليل . ساجدا وقائما يحذر الآخرة ويرجوا رحمة ربه ) يقول : ذاك عثمان بن عفان
قال بن أبي حاتم : وإنما قال ابن عمر ذلك . لكثرة صلاة عثمان بالليل وقراءته . حتى إنه ربما قرأ القرآن في ركعة .
وفي حديث السائب بن زيد قال : كان القارئ يقرأ بالمئتين . أي بمئات الآيات . حتى كنا نعتمد على العصي . من طول القيام . وما كانوا ينصرفون إلا عند الفجر . رضي الله عنهم وأرضاهم .
والقيام ... يكون أول الليل . وأسطه . وآخره .
وأفضله ... في الثلث الأخير من الليل . لما ينزل ربنا سبحانه . إلى السماء الدنيا . نزولا يليق بجلاله فقول ( هل من سائل فأعطيه . هل من مستغفر فأغفر له . هل من داع فأجيبه )
ومن قام مع الإمام في صلاة التراويح حتى ينتهي من صلاته . كتب له أجر قيام ليلة كامله . فضلا من الله ونعمه . قال صلى الله عليه وسلم ( إن الرجل . إذا صلى مع الإمام حتى ينصرف . كتب له بقية ليلته )
اللهم أعنا على ذكرك وشكرك وحن عبادتك .
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الثامنة ... القرآن في رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... رمضان .. هو شهر القرآن . قال اللتع تعالى ( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن )
نزل القران الكريم كله إلى سماء الدنيا من اللوح المحفوظ في رمضان ، وتشرف هذا الشهر بنزول هذا الكتاب فيه ، ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يتدارس القران الكريم مع جبريل عليه السلام في رمضان ، يسمعه ويتدبره ويتلوه ويتأمل عبره . فعن أبن عباس رضي الله عنه قال ( كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود الناس . وكان أجود ما يكون في رمضان . حين يلقاه جبريل فيدارسه القرآن . وكان جبريل يلقاه كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن )
فعلى المسلم أن يقرأ القرآن . فقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ( اقرؤوا القرآن فانه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه"( )وقال صلى الله عليه وسلم " خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وقال عليه الصلاة والسلام" الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به مع السفرة الكرام البررة ، والذي قرأ القرآن وهو يتعتع فيه له أجران "
أسلافنا إذا قدم رمضان فتحوا المصاحف وحلوا وارتحلوا مع القران الكريم .
ثبت عن الإمام مالك أنه كان في رمضان لا يتشاغل الا بالقرآن ، وكان يعتزل التدريس والفتيا والجلوس للناس ، ويقول شهر القرآن . بل كانت بيوتهم لها في رمضان خاصة دوي كدوي النحل ، تشع نورا وتملأ سعادة كانوا يرتلون القرآن ترتيلا ، فيأتمرون بأمره وينتهون بنهيه .فهل لنا أن نعيش مع القران في رمضان وغير رمضان ، وهل لنا ان نعرف عظمة القران فنملأ حياتنا سعادة ونورا وإشراقا بالقران ؟
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة التاسعة ... الذكر في رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... ذكر الله ... تسبيحا وتهليلا وتكبيرا واستغفارا . هو حداء الصائمين في رمضان . فهم من ذكرهم لله في متعة ، ومن تسبيحهم لله في سعادة . يذكرون الله فيذكرهم : ﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾ وبه تطمئن قلوبهم . قال سبحانه ﴿ أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال :"مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكره كمثل الحي والميت " وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال : "سبق المفردون . قالوا : وما المفردون يا رسول الله ؟ قال : الذاكرون الله كثيرا والذاكرات" و صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لرجل سأله عن عمل يتشبث به . قال له : " لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله " وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " ألا أنبئكم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وخير لكم من إنفاق الذهب والوَرِق وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم ؟ قالوا بلى يا رسول الله : قال ذكر الله تعالى "
وليس لذكر وقت محدد . بل في كل وقت . وفي كل حين . فهؤلاء السلف الصالح . كانوا إذا صلوا الفجر. يذكرون الله عز وجل حتى يرتفع النهار بل كان بعضهم . ينشر مصحفه . من بعد صلاة الفجر. فيسرح طرفه في الآيات البينات . والحكم البالغات . فيملأ صدره نورا . وديوانه أجرا .
وختاما ... فإن المحروم من فاته رمضان ، ولم يسعد فيه بذكر ربه ، ولم يصرف ساعاته في تسبيح مولاه .
فهل من مثابر يغتنم أنفاس العمر ودقائق الزمن ؟
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك قبل موت ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثاني
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة العاشرة ... الصدقة في رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... الصدقة .. وهي سمة تتجلى في أهل السخاء والعطاء الذين يبذلون أموالهم طاعة لرب الأرض والسماء . تأسيا برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس . وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل . وكان أجود بالخير من الريح المرسلة صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " إن لله ملكين يناديان في كل صباح أحدهما : اللهم أعط منفقا خلفا ، ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال ( أفضل الصدقة . صدفة في رمضان )
فالصدقة في رمضان . لها مزية ولها خصوصية . فبادر إليها . واحرص على أدائها . ولها صور شتى ...
منها ... إطعام الطعام ... الذي كان سلفنا الصالح يحرصون عليه . سواء كان بإشباع جائع . أو إطعام أخ صالح . وحالهم في ذلك . كما قال الله تعالى ( ويطعمون الطعا على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا . إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاء ولا شكورا . إنا نخاف من ربنا يوما عبوسا قمطريرا . فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نظرة وسرورا . وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا ) وقال عليه الصلاة والسلام ( أيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع . أطعمه الله من ثمار الجنة . ومن سقا مؤمنا على ظمأ . سقاه الله من الرحيق المختوم )
ومنها ... تفطير الصائمين ... لما في حديث سلمان ( ومن فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه . وعتق رقبته من النار . وكان له من مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شئ ـ أي الصائم )قالوا : يا رسول الله . ليس كلنا يجد ما يفطر به الصائم . فقال : ( يعطي الله هذا الثواب . لمن فطر صائما على مذقة لبن أو تمرة أو شربة ماء . ومن سقى صائما . سقاه الله من حوضي شربة . لا يظمأ بعدها حتى يدخل الجنة )
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الحادية عشر ... غزوات في رمضان
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... في شهر رمضان . سجل الإسلام . أعظم الانتصارات . حيث قاد رسول الله صلى الله عليه وسلم . ركائب الإيمان . ضد أعداء الدين .
ففي السابع عشر من شهر رمضان . حيث التقى الجمعان . في أرض بدر . في لقاء غير متكافئ العدد . فالمسلمون ثلاثمائة وبضعة عشر رجلا بينما المشركون ما يقارب الألف رجل . ولكن الله مع نبيه وصحبه . فمدَّهم بمدد من السماء . بقيادة جبريل عليه السلام . يكن لهم عونا وناصرا . فلتقى الجيشان . ودارت بينهم المعركة . وانتصر رسولنا صلى الله عليه وسلم . وأصحابه من المهاجرين والأنصار. على أعدائهم . وصدق الله :﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ فأعز الله فيه الإسلام وأهله . وأذل الله فيه الكفر وأهله . فكانت هذه الغزوة . من أعظم الغزوات . التي سجلها لنا التأريخ . بمداد من ذهب .
ولا ننسى في شهر رمضان ... يوم الفتح . اعني به فتح مكة .
حينما توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في السنة الثامنة للهجرة . بجيشه البالغ اثني عشر إلف مقاتل . صوب البيت الحرام . لينقذه من الشرك الأثيم . سار الجيش بقيادة الرسول الكريم ... محفوف بحفظ الله . قد عُمِّيَّت عنه الأبصار والأسماع . حتى دخل البيت الحرام . من غير قتال . مطأطئ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه . تعظيما وإجلالا لبيت الله . يرتل قول الله ﴿ إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً﴾ . فطاف باليت الحرام . وحطم ما حوله من الأصنام . وصعد بلال على الكعبة . وأطلق صوته بالأذان . ليعلن بذلك أن مكة . بلد لإسلام والإيمان .
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الثانية عشر ... صلة الأرحام
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... شهر رمضان . يذكر المسلم . بأن له أقارب وأصهارا وأرحاما . فيزورهم ويصلهم ويبرهم ويتودد إليهم . قال سبحانه وتعالى ﴿فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ{22} أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ ﴾ صح عنه عليه الصلاة السلام أنه قال : (( لا يدخل الجنة قاطع رحم)) . كيف يدخل الجنة وقد قطع ما أمره الله به أن يوصل . وقد صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال " لما خلقت الرحم تعلقت بالعرش فقالت هذا مقام العائذ بك من القطيعة، قال: ألا ترضين أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك، قالت:بلى، قال فذلك لك"
وهذا رسول الله عليه الصلاة والسلام . يضرب لأمته . أروع مثل . وأجمل صورة . في صلة الأرحام . ففي غزوة حنين . لما غزى الطائف أُسرت الشيماء بنت الحارث . أُخته من الرضاعة . أرضعته وإياها حليمة السعدية . فتأتيه أخته أسيرة . لتقف على بابه . واستأذنت في الدخول عليه فلم يؤذن لها . ثم قالت : أنا الشيماء أخت رسول الله . فستأذنوه لي لأدخل عليه . فأخبروه بشأنها . وكان جالساَ في شؤون أمته . فلما علم بها . ذرفت عيناه . ثم قام لها واستقبلها . استقبال الأخ لأخته بعد فراق دام أكثر من أربعين سنة . ففرش لها ردائه . وأجلسها عليه . وأخذ يظللها من الشمس . ويسألها عن حالها وحال ربعها . ثم قال لها : ان احببت اأقيمي عندي . محببة مكرمة . وإن أحببت أن ترجعي إلى أهلك فذلك لك .
فقالت : بل أرجع إلى أهلي . فقام صلى الله عليه وسلم . وجهزها بقطيع من الإبل . محملة بالأرزاق . لتعود به الى بادية بني سعد . وصصلى الله عليه وسلم ( ليس الواصل بالمكافئ . ولكن الواصل ... من إذا قَطَعَت رحمه وصلها )
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الثالثة عشر ... فضل العشر وليلة القدر
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... لقد أقبلت أيام العشر الأواخر من رمضان . والتي هي أفضل أيام الشهر . ولياليه أفضل ليالي العام . وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم . يخص هذه العشر بمزيد من العبادة . ويضاعف فيها الأعمال الصالحة . ويجتهد فيها بأنواع من الطاعة . ما لا يجتهد في غيرها من الأزمنة . فعن عائشة رضي الله عنها قالت : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم . إذا دخل العشر الأواخر من رمضان . أحيا ليله . وأيقظ أهله . وشدّ مئزره .
وحسب هذه الليالي شرفاَ ورفعة . أن فيها ليلة القدر . ( وما أدراك ما ليلة القدر * ليلة القدر خير من ألف شهر )
ليلة واحدة ... تعدل ثلاثا وثمانين سنة وأربع أشهر . فمن قامها بنية صالحة . وعبودية صادقة . كفّر الله عنه . ما سلف من ذنوبه . فقد قال عليه الصلاة والسلام (من قام ليلة القدر إيماناَ واحتسابا . غُفر له ما تقدم من ذنبه ) .
ووقتها ... في ليالي الوتر من العشر الأواخر. أو السبع البواقي من رمضان . وأرجى الليالي . ليلة سبع وعشرين . فعن أُبًيّ بن كعب قال ( والله إني لأعلم أي ليلة هي . هي الليلة التي أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقيامها . وهي ليلة سبع وعشرين )
وأفضل ما يقال فيها . هو ما علَّم النبي عليه الصلاة والسلام . عائشة رض الله عنها . بأن تقول : اللهم إنك عفو . تحب العفو . فاعفُ عني .
ليلة القدر ... يفتح فيه الباب . ويقرب فيها الأحباب . ويُسمع الخطاب . ويُرد الجواب . ويُكتب للعاملين فها عظيم الأجر والثواب . فاجتهدوا في طلبها . فهذا أوان الطلب . واحذروا الغفلة . ففي الغفلة العطب .
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
الكلمة الرابعة عشر ... رمضان و حفظ الوقت
بسم الله . والحمد لله . والصلاة والسلام على رسول الله ... وبعد
أخي المسلم ... شهر رمضان . مدرسة لتنظيم والأوقات . واستثماره فيما يقرب من الله عز وجل .
دقات قلب المرء قائلة له إن الحياة دقائق وثواني
فارفع لنفسك قبل موتك ذكرها فالذكر للإنسان عمر ثان
وأجمل من القصيد . قول الحبيب صلى الله عليه وسلم (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة والفراغ )
فكثير من الناس ... صحيح الجسم . ميسور الحال . ممدود الوقت . يعيش بلا أمل . ويسير بلا هدف . ويمضي بلا غاية .
لا فرق عنده ... بين الجد واللعب . ولا بين الحزم والهزل . يقطع وقته سدى . ويعيش حياته عبثا . قال سبحانه ( أفحسبتم أنما خلقناكم عبثا . وأنكم إلينا لا ترجعون * فتعالى الله الملك الحق لا إله إلا هو رب العرش الكريم )
وقد صح عنه عليه الصلاة السلام أنه قال " لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع ـ وذكر عمره فيما أبلاه" فعمرك ... هو كنزك . إن أنفقته في طاعة الله . وجدته يوم القيامة . يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم ، حسنات كأمثال الجبال . وإن أنفقته في الغفلة والمعاصي واللهو واللعب . فسوف تندم ندامة ما بعدها ندامة . وسيرتفع صوتك وتنادي : يا حسرتنا على ما فرطنا فيها .
فليالي رمضان ... من أعظم الأوقات . ومن أجل الساعات .
فيجب علينا ... أن نحافظ على أوقاتنا فيها بالطاعة والتوبة . وألا نضيعها بالسهر والمعصية . فقد لا ندرك رمضان السنة القادمة .
اللهم أحفظ علينا أعمارنا في طاعتك يا رب العالمين
وصلى الله على نبينا محمد . وعلى آله وصحبه وسلم .
موقع الاعلام التربوى
ei4eg.yoo7.com
» مواد بناء وتشطيب من مصانع الصين لبيتك 008615011961687
» مواد بناء وتشطيب من مصانع الصين لبيتك 008615011961687
» أنواع الصحف الحائطية
» كيفية عمل صحيفة الحائط
» أنواع الصحف المدرسية
» كيفية إعداد صحيفة حائط متميزة
» نموذج اختبار كادر المعلم ( اعلام تربوى )
» الإعلام التربوي